​محمد طاهر إيلا: إرث من التنمية وبصمة لا تُنسى في ذاكرة السودان
​برحيل الدكتور محمد طاهر إيلا (1951 - 2025)، يطوى فصلٌ من تاريخ السودان الحديث لشخصية تنفيذية أثارت الجدل بقدر ما تركت بصمة واضحة على الأرض، لا سيما في مجال البنية التحتية والتنمية الخدمية. كانت مسيرة إيلا حافلة بالمسؤوليات، حيث شغل مناصب رفيعة كوالي لولاية البحر الأحمر، ثم والياً لولاية الجزيرة، وتُوّجت بتوليه منصب رئيس مجلس الوزراء القومي في الأشهر الأخيرة من عهد الرئيس السابق عمر البشير.
​عشر سنوات من التنمية في البحر الأحمر
​بدأ محمد طاهر إيلا مسيرته كوالٍ لولاية البحر الأحمر عام 2005، واستمر في هذا المنصب لعقد من الزمان حتى عام 2015. وقد وصفت هذه الفترة بأنها شهدت مشاريع تنموية كبرى في الإقليم الساحلي. كان تركيزه منصباً على تحويل الإقليم إلى مركز اقتصادي مزدهر، خاصةً من خلال:
​تطوير ميناء بورتسودان.
​تحسين الخدمات في المناطق الساحلية.
​هذا التركيز على المدن الرئيسية والمشاريع الكبرى أكسبه شعبية بين عامة مواطني مدينة بورتسودان، ولكن في الوقت نفسه وجهت له انتقادات تركزت على توجيه جهوده نحو مشروعات الطرق والمباني على حساب التركيز على ما أسماه ناشطون بـ "بناء الإنسان"، بالإضافة إلى انتقادات تتعلق بمنح العقود دون شفافية.
​"ثورة الخدمات" في ولاية الجزيرة
​بعد تجربة البحر الأحمر، تولى الدكتور إيلا منصب والي ولاية الجزيرة بدءاً من عام 2015. وقد أشار مسؤولون لاحقون إلى أن إيلا أحدث "ثورة كبيرة في مجال الخدمات" بالولاية. وتضمنت الإنجازات التي أشاد بها البعض خلال فترة ولايته في الجزيرة:
​إحداث تحسن في مجالات التعليم والصحة.
​تنفيذ مشاريع متعلقة بالطرق والمياه.
​الإسهام في مجال الثقافة وترقية السياحة في الولاية.
​وعلى الرغم من الإشادة بهذه الإنجازات الخدمية والتنموية، إلا أن فترة حكمه للجزيرة أيضاً شابتها حالة من الشد والجذب مع المجلس التشريعي بالولاية.
​إرث إداري مثير للجدل
​بالإضافة إلى المناصب الولائية، شغل إيلا منصب وزير للطرق والجسور، وهو ما عكس اهتمامه بتعزيز البنية التحتية في البلاد. وكان تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء في فبراير 2019 تتويجاً لمسيرته الإدارية الطويلة.
​يُعرف محمد طاهر إيلا في الذاكرة الوطنية السودانية بأنه "رجل دولة" ترك إرثاً من العمل الإداري والتنمية المستدامة. كان يتمتع بخلفية علمية واقتصادية قوية ساهمت في صقل رؤيته الإدارية. وقد عُرف بقدرته على إدارة الملفات المعقدة. ورغم الجدل الذي أحاط بفترات حكمه، إلا أن شعبيته في قواعده استمرت، حيث كان يُستقبل بموكب عظيم في بعض زياراته، وهو ما يظهر البصمة التي تركها على الصعيد الشعبي.
​في نهاية المطاف، يبقى محمد طاهر إيلا شخصية محورية في تاريخ السودان، يمثل أحد رموز النظام السابق، وترك خلفه إرثاً تتناوله الذاكرة السودانية بين منجزات ملموسة في البنية التحتية والخدمات، وبين انتقادات حول طريقة الإدارة والشفافية في الإنفاق والتوزيع