الدفتيريا (الخناق): عودة مرض قديم يستدعي اليقظة والتحرك العاجل
​أثار الإعلان عن ظهور حالة إصابة بمرض الدفتيريا (الخناق) في إحدى المستشفيات، وتحديداً في مستشفى (النو/الفرز)، قلقاً واسعاً ومبرراً. هذا المرض، الذي يعتبره الكثيرون من أمراض الماضي بفضل اللقاحات الفعالة، هو في الواقع تهديد صحي خطير يعود للظهور مجدداً في المجتمعات التي تراجعت فيها نسب التغطية بالتطعيم. هذه الحالة المكتشفة هي بمثابة جرس إنذار يستوجب الالتفات الفوري لخطورة هذا الوباء المحتمل. 

ما هي الدفتيريا ولماذا هي خطيرة؟
​الدفتيريا هي عدوى بكتيرية خطيرة يسببها نوع من البكتيريا يُدعى Corynebacterium diphtheriae. تكمن خطورتها في أنها لا تؤثر فقط على الجهاز التنفسي، بل تنتج سماً (Toxin) قوياً يمكن أن ينتقل عبر مجرى الدم ليُلحق أضراراً بالغة بالقلب والأعصاب والكلى، مما قد يؤدي إلى الوفاة في غياب العلاج السريع.
​أعراضها الرئيسية تشمل:
​ظهور غشاء سميك رمادي أو أبيض على مؤخرة الحلق واللوزتين، وهو العلامة المميزة للمرض.
​حمى وقشعريرة وتضخم الغدد اللمفاوية في الرقبة.
​صعوبة في التنفس والبلع، وتورم في الرقبة (يُعرف أحياناً بـ "رقبة الثور").
​لماذا تعود الدفتيريا للظهور؟
​يكمن السبب الأساسي لعودة أمراض مثل الدفتيريا في انخفاض معدلات التطعيم. عندما تنخفض نسبة المطعمين في المجتمع إلى أقل من عتبة معينة (ما يعرف باسم مناعة القطيع)، تصبح السلسلة الوبائية قادرة على الاستمرار والتفشي. في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهد تحديات في الوصول إلى المرافق الصحية واستمرارية برامج التطعيم الروتينية، يصبح خطر انتشار المرض حقيقياً ووشيكاً.
​إن اكتشاف حالة واحدة يعد دليلاً على أن البكتيريا موجودة ومتداولة بالفعل في المجتمع، وأن هناك حاجة ملحة لتقصي المخالطين وتطعيم الفئات المعرضة للخطر.
​التحرك العاجل المطلوب
​الاستجابة الفعالة لا تقتصر على علاج الحالة المكتشفة، بل تتطلب تحركاً شاملاً وسريعاً من قبل السلطات الصحية والمجتمع ككل:
​تعزيز الترصد الوبائي: يجب على المستشفيات والمرافق الصحية أن تكون على يقظة تامة للكشف المبكر عن أي حالات مشتبه بها وعزلها فوراً.
​حملات التطعيم: إعادة إطلاق وتكثيف حملات التوعية والتطعيم بلقاح الدفتيريا (الذي عادة ما يُعطى ضمن اللقاح الثلاثي أو الخماسي) للوصول إلى الأطفال المتأخرين عن جدول التطعيم، لضمان بناء حائط مناعة فعال.
​التوعية المجتمعية: توعية الناس بأهمية اللقاحات كحماية فردية وجماعية، وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي أعراض مشابهة، خاصة لمن خالطوا المصابين.
​إن الدفتيريا مرض يمكن الوقاية منه بالكامل بواسطة لقاح فعال وآمن. نأمل أن يكون ظهور هذه الحالة دافعاً قوياً للجهات المسؤولة للتحرك بفاعلية، ونسأل الله أن يلطف بالناس وأن يحفظهم من كل سوء.